للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، تتبَّعْها لتجدها (١) كثيرةً، فإن كانت كثيرةً، فهي على القاعدة التي قبلَها، وإلا فَمِنَ المشهورِ عند الخلافيين القياسُ على محلِّ التخصيص بجامعٍ يُبْدُونه، فإذا فعلْتَ ذلك، فانظر إلى مرتبة ذلك القياس مع هذا الظاهرِ الذي دلَّ السياقُ على عدم قوة إرادة العمومِ، [و] (٢) وازن بين الظَّنَّين، واعملْ بالأرجح.

التاسعة: البَدَاءة بالشيء لا يطابق ذكرُه قبلَ شيء آخرَ مطابقةَ التَّرادُفِ، فإنَّ ذكرَه قبل شيء آخرَ إنما هي بَداءةٌ مقيدةٌ بإضافتها إلى ذلك الآخر، فأما البَداءةُ المطلقةُ فإنما تقتضي الأوليةَ المطلقةَ لا المقيدةَ بالإضافةِ، والبَداءة في الحديث مطلقةٌ، فتقتضي الأوليةَ المطلقة، ألا ترى! أنه يمكن نفيُ البَداءة بالذكر لأحد الشيئين على ما بعدَه، فتقول: ما بدأ به، ولا يمكن نفيُها عن أولِ مذكورٍ، حتى تقول: ما بدأ بكذا، فظهر الفرقُ بين الأمرين، وأن البَداءةَ المطلقةَ لا تطابقُ البداءةَ المضافَة تطابقَ التَّرادُفِ.

العاشرة: فإذا كان كذلك، والبَداءةُ بالحديث مطلقةٌ، فلو تناولتْ محل النزاع، ودلَّت عليه، لم تدلَّ إلا على البداءة بالوجه في الوضوء، فالذي يريد أن يثبتَ باللفظ وجوبَ الترتيب بين اليدين، والرأس، والرجلين، مع قصور دَلالةِ اللفظ عن ذلك، يكون مُثْبِتاً للشيء بما لا يدل عليه.


(١) كتب فوقها في "ت": "كذا".
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>