للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلتَ: إذا ثبت وجوب البَداءة بالوجه، وجب الترتيب في باقي الأعضاء، لعدمِ القائلِ بالفرق، قلتُ: الجواب من وجهين:

أحدهما: مناقشتُه، وهي أن يقال حينئذ: يكون الدليلُ مبنياً على مقدمتين؛ إحداهما: وجوبُ البَداءة بالوجه، والثانية: إجماع لا قائلَ، مع أن المستدلِّين عن آخرِهم إنما استدلُّوا بلفظ الحديث.

والثاني: تحقيقيٌّ، وقد تقدمت الإشارةُ إليه فيما مضى، وهو: أن دليلَ الحكم ومنشأَ قولِ المجتهد، هو ما يبعثُه من جهة اللفظ على القولِ بالحكم، ومُحالٌ أن يبعثَه القاصرُ الدّلالةِ على أزيدَ مما يدلُّ عليه، والذي يُظهِر لك هذا أن الدلائلَ الشرعيةَ عامةٌ لكل مجتهدٍ في كل وقت، والحادثةُ لابدَّ وأن يكونَ النظرُ فيها مُبْتَدأً به في زمنٍ من الأزمنة، يَحكمُ فيه المجتهدون بمقتضى دلالةِ اللفظ، وذلك الزمن لم يسبقه إجماعٌ، فلا يجوز أن يثبتَه المجتهدُ بدليل قاصرٍ، وإنما يتمُّ هذا، إن تمَّ في العصر الثاني، وحينئذ يكون الدليلُ مجموعَ مقدمتين، كما قلناه، ولا يكون اللفظُ مُنْشِئاً للحكم، ومُوْجِباً لقولِ المجتهدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>