للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتراض عليه: أن الإهاب حمل على الجلد وحده دون الشعر، فلا دلالة للحديث على طهارة الشعر بالدباغ، وأن قلنا بتناول اسم الإهاب له وللشعر تبعًا، فالحكم للطهارة بالدباغ للمجموع، والله أعلم.

السابعة والأربعون: يقال للشيء: إنه نجس بمعنى نجاسة ذاته، كما يقال: المَيْتة نجسةٌ، ويقال: نجس بمعنى أنه اتصل بالنجاسة، كما يقال في الثوب إنه نجس إذا أصابه البولُ مثلًا، وذلك شائع في الاستعمال الفقهي.

وكما يقال ذلك في النجس، يقال في الحكم بكونه طاهرًا، فيقال لِمَا انقلبت عينُه من النجاسة إلى الطهارة: قد طَهُر، كالخمر منقلبةً خَلاًّ، ويقال لِمَا أُزيلت عنه النجاسة المتصلة به: قد طهر، فعلى هذا قولَّه عليه السلام: "فقد طهرَ" يحتملُ أن يريد به طهارته؛ أي: طهارة الذات بالانقلاب، ويحتمل أن يريد به الطهارة بإزالة ما لحقه من النجاسة.

فإذا استدل على كونِ الجلد نجسَ الذات بقوله عليه السلام: "فقد طهر"، فذلك للحمل لكلمة "طهر" على الذات، ويلزم منه نجاستُها قبل الدباغ، فيقال عليه: إن ذلك محمول على طهارته، بمعنى إزالة الفضلات النجسة عنه، كما يقال: إذا غُسل الثوب فقد طهر، فلا يتم ما قال الأول، إلا إذا كانت (١) لفظةُ "طهر" حقيقةً في الذات، ولعله الأقرب؛ لأن الضمير عائد إلى الإهاب، وهو الذات.


(١) "ت": "كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>