للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادية والسبعون: أُورِدَ علَى الشَّافِعيِّ - رضي الله عنه - في عدم تعيين مرَّة التتريب سؤالٌ، وهو: أنَّ من مذهبِهِ حملَ المُطلَقِ علَى المُقَيَّدِ، وقد ورد "إحداهنَّ"، وورد "أولاهنَّ"، فيجبُ حملُ المُطلَقِ في "إحداهن" علَى المُقَيَّدِ في "أولاهن"؟! هذا أو معناه (١).

وهذا هو الَّذِي حكيناه عن ابن حزم فيما تقدَّمَ.

وأُجِيب عنه بما حاصلُهُ: أنَّهُ لَمَّا اختلفت الرواياتُ في التعيينِ تعارضت، وبَقِيَ المُطلَقُ علَى إطلاقه.

ويُعترَضُ علَى هذا: بأنَّ شرطَهُ التساوي في الرواياتِ (٢) وعدمُ وجود الترجيح في إحداهما (٣)، فأمَّا إذا وُجِدَ ذلك وجبَ العملُ بالراجحِ واطِّراحُ المرجوحِ؛ لامتناعِ إسقاط الراجح بمعارضة المرجوح.


(١) قال القرافي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: ٢٦٩): فائدة: قال صدر الدين قاضي قضاة الحنفية يومًا: نقض الشافعية أصلهم، فإنه يقولون يحمل المطلق على المقيد، وقد ورد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا" وهذا مطلق، وروي "أولاهن بالتراب" و "إحداهن بالتراب"، فإحداهن مطلق، ولم يحملوه على المقيد الذي هو أولاهن.
قال وجوابه: أن هذا الحديث تعارض فيه قيدان: "أولاهن" و"أخراهن"، فليس حمل المطلق الذي هو "إحداهن" على أحدهما بأولى من الآخر، وقاعدة القائلين بالحمل أنه إذا تعارض قيدان بقي المطلق على إطلاقه، فلم يتركوا أصلهم، بل اعتبروا أصلهم.
(٢) في الأصل: "تساوي"، والمثبت من "ت".
(٣) في الأصل: "إحديهما"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>