للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأه حمزة والكسائي: (ويذرهم) بالياء والجزم، وقرأه ابن كثير، ونافع، وابن عامر: (ونذرهم) بالنون والرفع (١)؛ فمن قرأ بالجزم عطفَ على موضع الفاء، ويكون الجوابُ عنه ما تقدم، وهو أنه لا يمكنُ حملُهُ في الجزم على غير ذلك، ومن رفع فعلى الاستئناف؛ لأنه يمكنُ ذلك فيه، فلا يُطلَبُ لهُ وجهٌ غيرُهُ، وقول القائل: إن تأتني فلكَ درهمٌ، وأكرمْكَ، فيجوز في (أكرمك) الوجهان، والكلامُ فيه مثلُهُ في الآية، وقول القائل: إن زيدًا منطلقٌ، وعمراً، وعمروٌ، مَنْ نصبَ عَطَفَه على اللفظ، ومَنْ رفعَ فعلى ثلاثة أوجه: العطفُ على موضع (إن)، والعطف على المضمر في (المنطلق)، والابتداءُ وإضمارُ الخبر.

والجوابُ: أنهم لما طلبوا وجهَ الرفع؛ لأنه لم يمكنْ ردُّهُ إلى اللفظ، ألا ترى أنه حين أمكنَ العطفُ على اللفظ، وهو في حال النصب، لم يُحمَلْ إلا عليه؟

الحادية والستون بعد المئة: قد ذكرنا حاجةَ كلِّ واحد من الفريقين إلى ترجيحِ ما ذهبَ إليه من العمل في الآية الكريمة؛ أعني: مما يدل على المسح ومما يدل على الغسل، وهذا الترجيحُ على قسمين: الترجيحُ بين الحملِ على الجِوار، والحملِ على العطف على الموضع، ولا شك أن العمل في العطف على الموضع أشهرُ من الحمل على الجِوار، وقد أُبديَ معارضٌ في هذا المحلِّ المخصوص


(١) انظر: "إتحاف الفضلاء" للدمياطي (ص: ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>