للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه رواياتٌ متكثرةٌ متظاهرة علَى الاختصاصِ بالأمَّةِ.

والسِّيْمَا: العلامةُ، تُقصَرُ، وتمدُّ، وتزاد فيها ياءٌ بعد الميم مع المد (١).

وقيل (٢): استُدِلَّ بالحديثِ علَى أنَّ الوضوءَ من خصائصِ هذه الأمة، وقيل غيره، وأنَّ الوضوءَ ليس مُختصاً، وإنَّما الذي اختصَّت به هذه الأمَّة الغرةُ والتحجيلُ، واحتُجَّ علَى هذا بالحديثِ المشتهر: "هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الأنْبيَاءِ قَبْلِي" (٣).

وأجيبَ عن ذلك بوجهين:

أحدهما: أنَّهُ حديثٌ ضعيفٌ معروفُ الضَّعف.

والثاني: أنَّهُ يحتملُ أنْ تكونَ الأنبياءُ اختصَّت بالوضوءِ دونَ أممهم، إلَّا هذه الأمَّة (٤).

الثَّانية: هذا الذي ادَّعَى أنَّ الوضوءَ مختصٌّ بهذه الأمة، إنْ كَان سببُهُ ما دلَّ عليه هذا الحديثُ من اختصاص الأمة بالغرةِ والتحجيل فليس بجيد؛ لأنَّه يكون استدلالاً بانتِفاءِ الأثر علَى انتِفَاء المؤثِّر (٥)، وإنَّما يصحُّ إذا تعيَّنَ المؤثر، وليس متعيناً؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قد يخصُّ


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٣٥).
(٢) "ت": "وقد" بدل "وقيل".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٥) في الأصل: "بإبقاء الأثر على إبقاء المؤثر"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>