من المقدار معتبراً، لكان ماء المزادة قليلاً ملابساً للنجاسة، لم يجز الوضوء به؛ إما إلزاماً للمُناظِر على مقتضى مذهبه، وإما بالدليل الدال على نجاسة الماء القليل بوقوع النجاسة فيه.
وحاصل هذا الوجه: إثباتُ تأثُّرِ الماء القليل بالنجاسة، وإثباتُ نجاسة إناء المشرك، وأن ماء المزادة لم يبلغ قلتين، ويلزمه ما ذكر من عدم التحديد بالقلتين.
وتقع المعارضة هاهنا بين الدليل الدال على نجاسة آنية المشرك، والدليل الدال على تأثر الماء القليل بالنجاسة، والدليل الدال على قلة ذلك الماء، وأن الوضوء به كان مع قلته، وبين الدليل الدال على اعتبار القلتين.
الثامنة والأربعون: وأما من يرى أن الماء القليل لا ينجس باتصاله بالنجاسة، فالطريق فيه أن يقول: الوضوء جائزٌ بالماء القليل الموضوعِ في أوانيهم، والماءُ القليلُ الموضوعُ في أوانيهم متصلٌ بالنجاسة، والوضوء جائزٌ بالماءِ القليلِ المتصل بالنجاسة.
أما المقدمة، وهي: أن الوضوء جائز بالماء القليل الموضوع في أوانيهم، فإنه جاز بماء المزادة لحديث عمران، وماءُ المَزَادة ماءٌ قليل لِمَا تقدَّم، وهو موضوع في آنيتهم، فالوضوء جائز بالماء القليل الموضوع في آنيتهم.
وأما المقدمة الثانية، وهي: أن الماء القليل الموضوع في آنيتهم