للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: الأوامرُ والنَّواهي في هذا الحديث تعود إلى فَصْلِين؛ فالأوامرُ تعود إلى حقّ المسلم على أخيه على رواية: "المقسم"، والنواهي تعود إلى ما يرجع إلى اللباس أو الاستعمال.

الرابعة: يجبُ أن يُفرَّقَ بين الجمعِ في الخبرِ، وبينَ الخبرِ عن الجَمْعِ؛ فإنَ الخبرَ قد يقع عن أمورٍ متعدّدة في أوقاتٍ مختلفة، فيجمعها الرَّاوي في إخباره، كما لو رأى رجلًا يأكلُ ويشربُ ويتكلَّم ويصلي في أوقات مختلفة، فأخبرَ عن الجميع، فقد جَمعَ في خبره بين هذه الأمور، وإن كانت متفرقةً غيرَ مجتمعةٍ بالنسبة إلى وقتِ الفعل.

وأمَّا الخَبرُ عن الجمع فأَنْ يكونَ الفاعلُ قد فعلَ أشياءَ في وقتٍ واحدٍ أو حالٍ واحدةٍ، فأخبر عن الجميع (١).

والجمعُ في الخبرِ أعمُّ من الخبر عن الجمعِ؛ لأنَّه متى ثبت الخبرُ عن الجمع ثبتَ الجمعُ في الخبر، ولا ينعكس، ويترتب على هذا فوائدُ حكميَّة في غير ما موضع مثل قولِ الراوي: "مَسَحَ على ناصيته وعِمامته" (٢)، وفرضنا أنه لم يدلَّ دليلٌ على الجمعِ بينهما في وضوءٍ واحدٍ، فإذا أردنا أن نَستدِلَّ به على أنَّ مَنْ مَسح بعضَ رأسِه كمَّل على العمامة، أو أردنا أَنْ نجعلَه قرينةً دالَّةً على


(١) في الأصل: "الجمع"، والمثبت من "ت".
(٢) سيأتي تخريجه مفصلاً في باب: فرائض الوضوء، من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>