وأما من لا يرى تحديدَ الكثير بالمقدار المعين، ويعتقد فيما دونه أنه يكون كثيراً، فيجوز على هذا المذهب أن يكون الماء كثيراً، ولا يتم الاحتجاجُ على طهارة إناء المشركين.
الرابعة والأربعون: وقد ظهر لك من الاحتمالين أنه يتوقف الاستدلال أيضاً أن يكون الاستقاء من العزلاوين، لا من ما يجتمع بعد خروجه عنها؛ لأنه لو كان كذلك أمكن أن يكون المجتمع كثيراً، فلا يكون الحديثُ حينئذ دالاً على الوضوء من ماء قليل في إناء مشرك.
الخامسة والأربعون: ويتوقف الاستدلالُ بالحديث على طهارة إناء المشرك أيضاً، على أن الماء القليل ينجُس بايصال النجاسة؛ لأنه إن لم يثبت ذلك، لم تلزم من جواز استعمال الماء من آنيتهم طهارةُ الأناء؛ لجواز أن يكون الماءُ طاهراً، والإناءُ نجساً على هذا التقدير.
السادسة والأربعون: هذا الذي ذكرناه فيما تقدم من توقف الدلالة على قلة الماء؛ أعني: ماء المَزَادة، وتأثر الماء القليل بوقوع النجاسة فيه، وأن المزادة لم تبلغ قلتين، وأن كان الاستقاء من فم العزلاء، يقتضي إثباتَ كل واحد من هذه الأمور، وترجيحه على ما يعارضه من وجوه: