للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث فائدةٌ أُخرَى إنْ شاء الله تعالَى، ويُستَدَلُّ علَى أنَّهُ اسمٌ للماء، بما جاء في الحديثِ مِنْ وضعِ الوَضوء للغُسل لا للوُضوء، وفيهِ احتمالٌ، والله أعلم.

الرابعة: أصغَى: أمال، مُعدَّى بالهمزةِ من (صَغَى) إذا مال، والصَّغْو: الميل، يُقَال: صَغَت النجومُ والشمس صَغْواً: مالت للغروب، ويُقَال: صَغَيْتُ (١) الإناء وأصغَيتُهُ، وأصغيتُ إلَى فلان: مِلْتُ بسمعي نحوه (٢)، قالَ الله تعالَى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ


= في قوله: "فصب علي من وضوئه" دليل على طهارة الماء المستعمل؛ لأنه يصير التقدير: فصب عليَّ من مائه، ولا يلزم أن يكون ماؤه هو الذي استُعمل في أعضائه؛ لأنا نتكلم على أن "الوضوء" اسم لمطلق الماء، وإذا لم يلزم ذلك: جاز أن يكون المراد بوضوئه: فضلة مائه الذي توضأ ببعضه، لا ما استعمله في أعضائه، فلا يبقى فيه دليل من جهة اللفظ على ما ذكر من طهارة الماء المستعمل.
وإن جعلنا "الوَضوء" - بالفتح -: الماء مقيداً بالإضافة على الوُضوء - بالضم -، أعني: استعماله في الأعضاء، أو إعداده لذلك، فهاهنا يمكن أن يقال: فيه دليل؛ لأن "وَضوءه" - بالفتح - متردد بين مائه المُعدِّ للوُضوء - بالضم -، وبين مائه المستعمل في الوضوء، وحمله على الثاني أولى؛ لأنه الحقيقة، أو الأقرب إلى الحقيقة، واستعماله بمعنى المُعد مجاز، والحمل على الحقيقة أو الأقرب إلى الحقيقة أولى، انتهى.
(١) قال شَمِرٌ: صَغَوْتُ وصَغَيْتُ وصَغِيتُ، وأكَثرهُ صَغَيْت. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٤/ ٤٦١).
(٢) "ت": "له" بدل "نحوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>