للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيرًا، أو تعميمًا، أو تخصيصًا، وقد ذكرنا أن لفظَ "أُمَّتِي" فيه عمومٌ.

التاسعة والعشرون: لو قال قائل: هذا الحديث يدل على أن تاركَ الصلاة ليس من الأمة، وطريقُه أن يقال: كلُّ مَنْ تركَ الوضوء مع القدرة والعَمْد، فلا غُرَّةَ له ولا تحجيلَ، وكل مَنْ لا غُرَّةَ له ولا تحجيلَ فليس من الأمة، وكل من ترك الوضوء مع القدرة والعمد ليس من الأمة، ثم يقول: كل من ترك الصلاة والوضوء مع القدرة والعمدِ فقد ترك الوضوءَ مع القدرة والعمد، وكل من ترك الوضوء مع القدرة والعمد فليس من الأمة، وكل (١) من ترك الصلاة والوضوء مع القدرة والعمد فليس من الأمة، وإذا ثبت ذلك فيمن ترك الصلاةَ والوضوء مع القدرة ثبت في كل من ترك الصلاة وإن لم يترك الوضوء ضرورةً، إذ لا قائلَ من الأمة بالفرق في التكفير بين تركها مع ترك الوضوء، أو مع فعلِهِ.

أما بيانُ المقدمة الأولى: وهو أن كل من ترك الوضوء مع القدرة فلا غرة له، فإنها السِّيْما التي جُعلت علامةً مُميِّزة للأمة عن غيرهم، لاسيَّما مع العموم الذي في قوله: "إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِيْنَ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ"، فإنه يقتضي أن كلَّ من هو من الأمة آتٍ بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، وأما أَنَّ من لا غرةَ له ولا تحجيلَ فليس من الأمة؛ لأنه إذا عمَّتْ هذه العلامةُ كلَّ الأمة والتمييزُ يحصل على ما جاء في الحديث: "كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ


(١) "ت": "فكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>