للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنهم لمْ يزالواْ مرتدين منذُ فارقتَهم"، فإذ ذاك تذهب عنهم الغرة والتحجيل، ويُطفأ نورهم، فيبقون في الظلماتِ، فيُقْطع بهم عن الورودِ، وعن جواز الصراط المستقيم، فحينئذ يقولون للمؤمنين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: ١٣]، فيُقَال لهم: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: ١٣] مكراً وتنكيلًا؛ ليتحققوا مقدارَ ما فاتهم، فيعظُم أسفُهم وحسرتهم، أعاذنا الله من أحوال المنافقين، وألحقنا بعباده المُخلَصين، وجعلنا من الفائزين (١).

السابعة والعشرون: الحديث الذي فيه ذَوْد (٢) رجال، ليس فيه ما يقتضي وجود السيما فيهم أو عدمها، لأنه يكره في الإثبات، وقد يُعارَضُ بالعموم الذي في "أمتي" بعد تقرير دخولهم في اسم الأمة، واختلاطهم، وقد اختلف الناس فيهم، وذكر بعضُهم فيه أقوالًا؛ منها معنى ما ذكرناه من عموم السِّيْما إلى آخر ما تقدم من شرحه.

ومنها: أن المراد مَنْ كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ارتدَّ بعدَه، فيناديهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وإن لم يكن عليهم سِيما الوضوء؛ لما كان يعرفه - صلى الله عليه وسلم - في حياته من إسلامهم، فيقال: ارتدُّوا بعدك، وهذا آخر ما ذكرناه من المباحث فيما مضى.


(١) انظر: "المفهم" للقرطبي (١/ ٥٠٤ - ٥٠٥).
(٢) في الأصل: "ليس ذود"، وكذلك في "ت"، ولكن ضرب على كلمة "ليس".

<<  <  ج: ص:  >  >>