للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} [الرحمن: ٢٧] (١).

وفي هذا نظر؛ لأنَّ لفظَ الوجه عندَ الإطلاق ينصرفُ إلَى العضوِ المخصوص؛ إمَّا وَضْعاً لغوياً، وإما استعمالاً عُرفياً غالباً، وإطلاقُهُ علَى الجملةِ من باب إطلاقِ اسمِ الجُزء علَى الكلِّ، وقد دلَّت الآيةُ الكريمة علَى الذاتِ؛ لاستحالةِ الحملِ علَى الظاهرِ بالصورة، وليس كذلك فيما نحن فيه، نعم هو مُحتمِل، والاحتمالُ لا يُنافي رُجحانَ غيره.

السابعة عشرة: لسائلِ أنْ يسألَ ويقولَ: إذا أخرجتمْ (٢) لفظَ الوجه عن الحقيقةِ الوضعئة والعرفية، وخَرَجَ أيضاً "الأذنان من الرأسِ" عن الحقيقة الوضعئة، فأيُّهما أقربُ وأرجحُ في الحمل؟

فيُقَال عليه: إنَّ أمرَ الرأس فيه ما أوجب الخروجَ عن الحقيقةِ، فالمصيرُ إلَى المجازِ متعيِّنٌ، وأما الأمرُ الآخر فليس فيه ما يُوجِبُ الحملَ علَى الذاتِ، فكان الأولُ أرجحَ من هذا الوجه، أو يقال: إن دلالةَ (من) علَى الجزئيةِ أقوَى عن دلالة الإضافة عليها؛ إما لأنها دلالةٌ لفظية، ودلالةُ الإضافة علَى المعنى تقديرية، أو لأن دلالةَ الإضافة مترددةٌ بين معنى (مِن) وغيرها بخلاف دلالة (من)، وهذا يُحوجُ إلَى بيان التردُّدِ في هذا المحلِّ؛ أعني: "شقَّ سمعَهُ" إلَى آخره.


(١) انظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ١٢٢).
(٢) في الأصل: "خرجتم"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>