للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفوا فيه، والمختارُ عندهم أن لا يُخصَّ، ولا يقصر النهيُ على مُعتَادهم، بل يَدخل فيه لحمُ السمك والطير وما لا يُعتاد في أرضهم، واستدلَّ عليه بأن الحجة في لفظه - صلى الله عليه وسلم -، وهو عام، وألفاظه غير مبنية على عادة الناس في معاملاتهم، حتى يدخلَ فيه شربُ البول، وأكلُ التراب (١)، وابتلاع الحَصَاة والنَّواة (٢)، وهذا بخلاف لفظ الدابة، فإنها تحمل على ذوات الأربع خاصة بعرف أهل اللسان في تخصيص اللفظ، وأكلُ الحصاة والنواة يُسمى أكلًا في العادة، وإن كان لا يُعتاد فعلُه، ففرقٌ بين أن لا يُعتادَ الفعلُ، وبين أن لا يعتادَ إطلاقُ الاسمِ على الشيء (٣).

والذي يتعلق بهذا الحديث من هذه القاعدة أن جلودَ الخنازيرِ والكلاب غيرُ معتادةِ الدَّبغِ، فلا يقتضي على هذه القاعدة أن يُخص اللفظُ بما عداها مما يُعتاد دبغُهُ.

العاشرة: لمَّا كان التخصيصُ إخراجَ بعضِ أفراد العام عن الإرادة منه، وجب قطعًا أن يكون شرطُه قصدَ الإخراج عن الإرادة، وأما العام فيتناول الأفرادَ بوضعه، فيدخل تحته ما لا يمكن أن يحصى من الأفراد، فليس من شرطه إرادةُ الفردِ المعين اتفاقًا؛ لأنه إذا لم يخرج


(١) "ت": "الشراب".
(٢) والمراد: أن هذه لا تدخل في المشروبات والمؤكولات عادة.
(٣) انظر: "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>