للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعاونِ، والتضافرِ، والأُلفةِ بين الناس، وقد رأيتَ تعظيمَ الشريعة للألفة، وتنفيرَهَا عن الفرقة؛ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: ١٠٣]، وهذا من المصالح الدنيوية بالذات، وإن كان يؤول من وجهٍ (١) إلى المصالح الدينية.

السابعة عشرة: حسنُ الهيئة يؤدي إلى قبولِ قول مَنْ حَسُنتْ هيئته، وجَمُلت حالته، وامتثالِ أمره من أرباب الأمر؛ كالسلطان، والحاكم، والمفتي، والخطيب، والواعظ، فيعود ذلك إلى مصالح دينية.

وإذا بدا الإنسانُ بالهيئة القبيحة دلَّ على سقاطةِ [نفسه] (٢)، والصفةِ التي ينشأ عنها ذلك القبح، فربما نشأت عن ذلك نُفرةٌ بالظاهر والباطن جميعاً، ففاتت مصالح القبول، وحصلت مفاسد النفرة، وكان مالك - رحمه الله - مُعتنيا بحسن (٣) الهيئة، ولا سيَّما عند رواية الحديث، وقد أنتج ذلك حسنَ القبول وقوةَ الرغبة.

الثامنة عشرة: اعتنى بعضُ المتأخرين من أكابر صوفية المغرب بالجمعِ بين معنى الحديث ومعنى الكتاب، وانتزاعِ معاني الحديث من القرآن الحكيم، مثل ما قال في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "منَ الكبائرِ شتمُ الرجلِ والديه" قالوا: يا رسولَ الله! [هل] (٤) يشتمُ الرجلُ والديه؟ قال: "نعم،


(١) "ت": "من وجه يؤول".
(٢) سقط من "ت".
(٣) في الأصل: "لحسن"، والمثبت من "ت".
(٤) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>