للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعموم، وتُستعمل تابعة وغيرَ تابعة، ولذلك كانت مقدمةً في التأكيد على (أجمعين)؛ لأنَّ (أجمعين) لا تستعمل إلَّا تابعة، وهي في لفظ الحديث غيرُ تابعة.

الثَّانية: قال أبو محمد بن الخشاب (١) في "الشرح العوني"؛ [يعني: شرحهَ لمقدمة عون الدين بن هُبيرة الوزير] (٢): وأمَّا (كل) فالجيدُ (٣): أخذت المالَ كلَّه، وجائز أن تقول: أخذت كل المال، وجاءني كلُّ القوم وفي التنزيل: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: ٤٠]، ومنه: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} [الإسراء: ٢٠]، ومنه: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١].

وقرئت الآية على وجهين: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: ١٥٤] بالنصب على التأكيد للأمر، وقوله: (لله) خبر إن، و (كلُّه) بالرفع على أنه مبتدأ، و (لله) خبره، والجملة خبر إن.

وهذا الكلامُ منه يقتضي ترجيحَ التأكيد في (كل)، وأن يكون


(١) هو الإمام العلامة إمام النحو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن نصر البغدادي المعروف بابن الخشاب، يضرب به المثل في العربية، حتَّى قيل: إنه بلغ رتبة أبي عليّ الفارسي، له تصانيف كثيرة منها: "شرح مقدمة الوزير ابن هبيرة في النحو"، و"شرح اللمع" لابن جني، و"الرد على مقامات الحريري" وغيرها. توفي سنة (٥٦٧ هـ). انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (٣/ ١٠٢)، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢٠/ ٩٣)، و"بغية الوعاة" للسيوطي (٢/ ٢٩).
(٢) زيادة من "ت".
(٣) في الأصل: "فالحد"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>