للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اللفظ، مع إمكان العطف على الموضع بمجرده، لا يدل على الحقيقة، لكنَّه أقربُ في الدلالة من ادّعاء التَّساوي، للعدول عن العطف على الموضع، مع قيام الدليل الراجح على العمل على الموضع، وهو القربُ، مما يؤكّدُ دعوى الحقيقةِ في العمل على اللفظ.

السابعة والستون بعد المئة: رجَّح الشرِيْفُ حملَ العطفِ على موضع (الرؤوس)، على العطف على الأيدي والوجوه في الغسل؛ بأن الكلامَ إذا حصل فيه عاملان: أحدُهما قريبٌ، والآخرُ بعيدٌ، فإعمالُ الأقربِ أولى من إعمال الأبعد، قال: وقد نصَّ أهلُ العربية على هذا، فقالوا: إذا قال القائلُ: أكرمني وأكرمتُ عبدَ الله، وأَكْرمتُ وأَكرمني عبدُ الله، فحمل الاسم المذكور بعد الفعلين على الفعل الثاني أولى من حملِه على الأول، فإن الثاني أقرب إليه، وقد جاء القرآن وأكثرُ الشعر بإعمال الثاني، قال الله تعالى: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} [الجن: ٧] وقال: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: ٩٦] , وكذلك {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩] كل ذلك بإعمال الثاني دونَ الأولِ؛ لأنه لو أعمل الأولَ لقال: كما ظننتموه، وآتوني أفرغه، وهاؤم اقرؤوه (١) كتابيه؛ لأن المعنى: آتوني قطراً أفرغه عليه، وكذلك هاؤم كتابيه، وقال الشاعر [من الطويل]:


(١) في الأصل: "أقرؤوا"، والتصويب من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>