للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة والثلاثون: اختلفت الشافعيةُ في وجوب استعمال الماء في أثناء الدباغ على وجهين، رُجِّح منهما عدمُ الوجوب، واستدلَّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابِ دبغَ فقد طهرَ" (١). فإن كان الدباغ يتأتَّى بدون استعمال الماء فيه، فالحكم صحيح، والاستدلال ظاهر.

وإن كان لا يتأتى في العادة إلا باستعمال الماء فيه، فإن كان اسم الدباغ ينطلق عليه، وإن لم يستعمل، فهو راجع إلى تخصيص العموم بالعادة الفعلية، وإن كان لا يستعمله (٢) إلا بذلك يُخصَّص به.

السابعة والثلاثون: إذا وقع الدباغ بشيء طاهر، فهل يجب إفاضة الماء على ظاهره؟

فيه اختلافٌ عند الشافعية، رُجِّح منه الوجوب؛ لإزالة الأجزاء التي تنجست بملاقاة الجلد (٣).

والحديث بظاهره يدل على عدم الوجوب؛ لترتب الطهارة على مسمى الدباغ، وقد حصل، إلا أنَّ وجوبَ الإفاضة عليه مبنيٌّ على قاعدتين قويتين:

إحداهما: أن الأجزاء قد نجُست بالملاقاة للنجاسة، وهذا مقطوع به.


(١) المرجع السابق (١/ ٢٩٣).
(٢) أي: لا ينطلق عليه الاسم إلا باستعمال الماء.
(٣) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (١/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>