للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنَّ الذي يَظهر أنَّ الإمساكَ أخصُّ من عدم الفعل، وأنه يقتضي قصداً وكفًّا للنفس عن الفعل بعد كونه بعرضيته.

وإذا كان كذلك فقد استعمل الصوم فيما لا إمساكَ (١) فيه بهذا الاعتبار الذي ذكرناه، فيقال: صام الماءُ؛ بمعنى: قام ودام، وصام النهار: إذا قام قائمُ الظهيرة، وركدَ الحرُّ.

قال الأعشى (٢) [من الطويل]:

ذَمُولٍ إذَا صَامَ النَّهَارُ وَهَجَّرَا

فيحتمل أن يكون أطلقوا الإمساك على المعنى الأعمِّ العدمي، فيكون (صام الماء) و (صام النهار) حقيقةً لغويةً، ويحتمل أن يكون (صام الماء والنهار) مجازاً؛ لأن العدمَ يشبه الإمساكَ المقصود.

السادسة: اللام للملك والاختصاص؛ العبدُ لزيد، والسَّرْج للدابة، ويمكن أن يجعل حقيقةً في الاختصاص؛ لأنه المعنى الأعم، فإنَّ كلَّ مِلْكٍ اختصاصٌ، وليس كلُّ اختصاصٍ مِلْكًا، وقد قدمنا من


(١) "ت": "الإمساك".
(٢) كذا في "م" و "ت": "الأعشى"، والمعروف أنه لامرئ القيس، كما في "ديوانه". وكذا نسبه إليه أبو عبيد في "غريب الحديث" (١/ ٣٢٨)، والأزهري في "تهذيب اللغة" (١٢/ ١٨٢)، والجوهري في "الصحاح" (٢/ ٨٥١)، والزمخشري في "أساس البلاغة" (ص: ٩٣)، وابن منظور في "لسان العرب" (١٢/ ٣٥٠).
وصدر البيت:
فدعها وسلِّ الهمَّ عنكَ بَحسْرَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>