للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة والخمسون: في قاعدة أصوليةٍ: الأمر الوارد عقبَ الحظر هل يفيد الوجوبَ، أو يحمل على الإباحة؛ فيه ثلاثة مذاهب (١):

أحدها: أنه لا أثر لتقدُّم الحظر، وتبقى الصيغة دالةً على ما وُضعت له، فمن قال: للوجوب، بقيت دالّة عليه، وهو اختيار بعض المتأخرين.

وثانيها: قولُ قوم ممن سلم أن الصيغةَ إذا وردت من غير قرينة دالة على الوجوب: أنها إذا وردت بعد تقدم الحظر كان ذلك قرينة دالة على الإباحة.

وثالثها: أنَّه إن كان الحظر السابق عارضاً لعلَّة وسبب، وعُلقَت صيغةُ (افعل) بزوالها؛ كقوله تعالى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، وكقوله - عليه السلام -: "كُنْتُ قَدْ نهيْتُكُم عَنْ ادخَارِ لحُومِ الأَضَاحي، فَادَّخِروا" (٢)، فإن الحظر السابق إنما ثبت لسبب، فهذا وأمثاله إذا وردت صيغة (افعل) معلقة برفعه (٣)، دلَّ بحكم عرفِ الاستعمالِ على أنه لرفع الذئمَ فقط، ويغلب عرف الاستعمال على الوضع، وأما إن كان الحظر السابق قد عرض لا لعلَّة، ولا أن صيغة (افعلْ) علِّقت بزوال


(١) انظر: "المستصفى" للغزالي (١/ ٢١١)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ١٩٨)، و "البحر المحيط" للزركشي (٣/ ٣٠٢).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في الأصل"رفعه"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>