مَحْضورَةٌ"، إذا حُمِلت الشهادة والحضور على شهود الملائكة وحضورها، فيحتمل أن يكونَ الشهودُ والحضور إخباراً عن الوقوع، ويحتمل أن يكون إخباراً عن إمكان الوقوع؛ الشهود والحضور وتيسره، وهو الذي يعبَّر عنه في بعض الاصطلاحات بالقوة، ويُقابَل بقولهم بالفعل، كأنه يقال: إنَّ المانع من الحضور والشهود قد زال، فقد يحصل الحضور والشهود، وقد يقال: إذا حملناه على الحضور والشهود بالفعل، ففيه إشكال، وذلك أن الله تعالى يقول:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء: ٧٨] ٥٨] أي: أَقِمْ قرآنَ الفجر، وعلل ذلك بأن قرآن الفجر مشهودٌ، وظاهرُ ذلك التعليل إظهار فضيلة الوقت، واختصاصه بالوقت المأمور بإقامة القرآن فيه؛ لأن تخصيصَه بالذكر في ذلك الوقت، يظهر منه التعليلُ بما يختص به، وإلا فهو وغيره من الأوقات التي تُباح فيها الصلاةُ سواء، وربما يشهد لذلك قوله - عليه الصلاة والسلام -: "يَتَعاقَبُون فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِالليلِ، ومَلائِكَةٌ بالنَّهارِ، وَيَجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الفَجْرِ، وَصَلاَةِ العَصْرِ" (١)؛ فإما أن يرجَّح حملُه على معنى الإمكان، أي: إمكان الشهود والحضور فيه، أو يكونَ الشهود مختلفًا بحسب اختلاف الشاهدِيْن، فيكون الشاهدون لقرآن الفجر غيرَ الشاهدين لسائر الصلوات في أوقات الإباحة، والله أعلم بالمراد.
(١) رواه البخاري (٥٣٠)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر، ومسلم (٦٣٢)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.