ومن منع يقول: لم يقصدِ الترابَ، وإنَّما الترابُ أتاه، ومن صحَّح فكأنه يرى أنَّ هذا التعرُّضَ قصدٌ، أو كالقصد إلى التراب، وقصدُ التراب من الأحكام التكليفية.
التاسعة عشرة: رفعَ غيرُه الإناء، وصبَّ منه في فمه، فشرب منه، إن كان ذلك بأمره فليلتحقْ بما لو رفعه هو، وإن كان بغير أمره فليس هاهنا إلا التعرُّضُ لمصبِّ الماء، أما اعتبارُ الاسم وكونُه يقتضي شاربًا من إناءِ فصة فظاهر، وأما اعتبارُ هذا الاستعمال، فهل يتنَزَّلُ هذا التعرضُ لمصبِّ الماء من الإناء منزلةَ الاستعمال للإناء؟
من هاهنا يجيء النظرُ في مسألتي التعرض لماء الميزاب أو المطر من حيث إنَّ تطهيرَ الماء لاحقٌ بالأسباب؛ لما أشرنا إليه، وذكرنا أن الأصلَ ترتبُ المسبب على سببه، وترتُّبُه على أمر زائد يكون بدليل من خارج.
ويبقى النظرُ في مسألة التراب؛ لأن هذه المسألة ومسألة التيمم، كلاهما من أحكام التكليف، وقد ذكرنا مناسبةَ اعتبار القصد فيه تُلحقُ هذه المسألة، فيقال: إن هذا التعرضَ هل يُنَزَّل منزلةَ الاستعمال لإناء الذهب والفضة، أو لا؟
هذا محل نظر، والأقربُ - والله أعلم - المنعُ؛ لوجهين:
أما أولًا: فلحصول مسمَّى الشرب من إناء الذهب أو الفضة.
وأما ثانيًا: فلهذا التعرُّضِ الَّذي وقع به القصدُ إلى الشرب.