للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (ثلاث) منصوب بنصب المصدر؛ لإضافته إليه، فكأنَّهُ قال: غسلات ثلاثًا، ومن ضرورة ذلك تعديدُ الغَرَفات (١).

قلت: الذي قاله القاضي أبو بكر في تعذُّرِ الحمل علَى الغسلاتِ (٢)، وهو: أنَّهُ أمر مغيَّبٌ لا يصح لأحد أنْ يعلمَهُ، لمْ يتعرضِ القاضي عِياضٌ ولا أبو العباس القرطبي لردِّه، ولم يظهر لي وجهُهُ، فإن غسلَ الوجه أمر محسوسٌ يدركه البصرُ استيعابًا وتقصيرًا، فما المانعُ من الإحاطةِ به؟

السابعة عشرة: قد عُرف الكلام في المضمضةِ، وما قيل: إنَّ أصلَها التحريكُ، ومنه قولُ بعضهم: المضمضةُ: وضعُ الماء في الفمِ، ومضمضَتُهُ فيه، وهذا يقتضي أنَّ السنةَ لا تتأدَّى إلا بالتحريكِ للماء في الفم، وفيه نظر.

الثامنة عشرة: ذكرُ الاستنثارِ في هذا الحديث دونَ الاستنشاق، هو الروايةُ التي أوردناها (٣) عن مسلم، وهو عندَ أبي داود أيضًا من رواية مَعْمر، عن الزُّهريّ، عن عطاء بن يزيد، كذلك ليس فيه ذكر الاستنشاق (٤)، ومَن جعل الاستنثارَ مأخوذًا من النَّثْرةِ جعله مُنطلقًا علَى استنشاق الماء ودفعه.

قالَ بعضُهم: والاستنثارُ: إيصالُ الماء إلَى الأنفِ ونثرُه منه بنَفَسٍ


(١) انظر: "المفهم" للقرطبي (١/ ٤٨٠).
(٢) في الأصل "الغرفات"، والمثبت من "ت".
(٣) "ت": "أوردها".
(٤) تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>