للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسة: فيه البيانُ بالفعلِ عما سئل عنه، وقد تكلم الأصوليون في بيان المُجمل بالفعلِ؛ هل يحصل؟ وقسموا القول في الدليلِ الدالِّ علَى البيانِ إلَى: ما يحصل بالمواضعةِ؛ كالكتابةِ، وعقد الأصابع، وإلَى شيء تتبعه المواضعة (١)، وفُسِّرَ بالإشارة؛ لأنَّ المواضعةَ مُفتقِرَةٌ إليها، وهي غيرُ مفتقرةٍ إلَى المواضعةِ، وإلا لافتقرت إلَى مواضعة أخرَى، ولزم التسلسلُ، وهو محال، وإلَى ما يكون تابعاً للمواضعة؛ كما في قوله (٢) - عليه السلام -: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي" (٣)، ولو قالَ - عليه السلام -: هذا الفعلُ بيانٌ لكذا (٤).

وقد نُقِلَ عن قوم أنَّ الفعلَ لا يكون بياناً، والمختارُ عند الأصوليين خلافُهُ (٥).

فإن قلت: كلام الأصوليين في بيان المُجمل بالفعلِ، وليس كذلك ما في الحديث!

قلت: هو في معناه؛ لأنَّ السؤالَ مُقتضٍ لإبهام الأمر عندَ السائل، ومُحوجٌ إلَى بيان ما هو الواقعُ، وما هو مُحتملٌ مع غيره في السؤال.

السادسة: لقائل أنْ يقول: البيانُ بالقولِ أظهرُ من البيانِ بالفعلِ، فِلمَ عُدِلَ عنه إلَى البيانِ بالفعل؟


(١) "ت": "المواضع".
(٢) "ت": "كقوله".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "المحصول" للرازي (٣/ ٢٦٢ - ٢٦٥)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله.
(٥) انظر: "مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصبهاني" (٢/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>