ويحتمل أن يكون العُود المعروضُ مانعاً من وقوع ذلك الوَباء في الإناء مطلقاً؛ لأن هذه الأمور والأسرار الغيبية لا تَنْقَاس بالإمكان والأوهام، ولا يُطَّلع على مقتضياتها وموانعها بصور الفكر والعقل، والله أعلم.
الثانية والثلاثون: يجعل أصلاً في الاحتراز والاحتياط للأمور الدينية والمصالح البدنية على حسب العلتين، فإن كان لأجل صيانة الماء عن مُفْسِداته الشرعية، فهو احتياط للأمور الدينية، وإن كان الاحتراز عن الوباء؛ كما دلَّ عليه الحديثُ الآخر، فهو احتياط للأمور البدنية وصيانتها من المُضِرَّات.
الثالثة والثلاثون: لأهل الطب أقوالٌ في حفظ الصحة، والاحتراز من الأمراض وأسبابها، فيمكن أن يجعل هذا أصلاً في ذلك، إلا أن يقومَ مانعٌ خاصٌّ بعض ما يقولونه، كما سيأتي في ذم الإفراط في هذه الأمور، فلا يتم ما ذكروه فيه، والله أعلم.
الرابعة والثلاثون: كل واحد من الاحترازين؛ أعني: الديني والدنيوي، المحمودُ منه مقدارٌ معلوم، متى جاوزه الإنسانُ خرج في حيِّز الذم، فالاحتراز في الطهارات يُحْمَد منه الورعُ، والإفراط في ذلك يخرج إلى حد الوسوسة والغلوِّ في الدين، وكذلك الاحتراز عن المؤذِيات الدنيوية يُخرِجُ إفراطُه إلى ضعف التَّوكُّل وشدةِ الإغراق