للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرِهما، أو يكونُ قد بيُّن للمخاطب التعليم المعتبر، ولم يذكره الراوي؛ لأنه لولا أحدُ هذين الأمرين، لزم تأخيرُ البيان عن وقت الحاجة.

والأول أقرب، وهو أن يكون معلومًا بالعادة، فأُحيل عليها، [وهذا لأن] (١) أبا ثعلبة ذكر في سؤاله الكلب المعلَّم، وذلك يدل على معرفته بما يكون به هو عنده معلَّمًا.

الثلاثون: الفقهاء ذكروا أوصافًا فيما يُعرف فيه كون الكلب معلَّمًا، والذي يقتضيه لفظ (المعلَّم) أن يكون له حالة حصلت بالتعليم، ومن لوازم هذا أن تكون تلك الحالةُ مخالفةً لما يقتضيه طبعُه، وما يقتضيه تعليمُه من هيئات التعليم؛ لأنه لو لم يكن مخالفًا لما يقتضيه تعليمُه، لكان معلَّمًا في حال تعليمه، وهو باطل، فعلى هذا كل ما يكون طبيعيًا لا اعتبار به، فانطلاقه من غير إطلاقِ صاحبِه طبيعيٌّ، فإذا لم يخرج عن هذه العادة فليس بمُعلَّم، وخروجه عن ذلك بأن ينزجرَ عند زجره عندما يقتضي الطبعُ خروجَه، وسيأتي الكلام فيه، ويدل على هذا أيضًا من الحديث رواية همَّام بن الحارث، عن عَدِي بن حاتم قال: "وإنْ قتلْنَ ما لم يَشْرَكْهَا كلبٌ ليسَ معها" (٢)، فمجرد هذا يشير إلى اعتبار إرساله؛ لأنه عليه السلام لم يعلقِ


(١) "ت": "ولهذا إن".
(٢) رواه مسلم (١٩٢٩)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: الصيد بالكلاب المعلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>