للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة: إذا قلنا بالمشهور، وهو أن الصاع لا يختلف مقداره، فقد اختلفوا في مقداره: والمشهور: أنه خمسةُ أرطال وثلث، والمد رطل وثلث، وهذا مذهب أهل الحجاز.

ومذهب أبي حنيفة: أنَّ الصَّاع ثمانيةُ أرطال.

وقد رجع أبو يوسف - رحمه الله - إلى مذهب أهلِ الحجازِ، لَمَّا اجتمع بمالك، وتناظرا في المسألة، فاحتجَّ مالكٌ بصيعان أهلِ المدينة المتواترة، وأحضَرها، أو بعضَها، فرجعَ أبو يوسف، وأخبرَ النَّاسَ برجوعِهِ عندَ وصوله العراقَ (١).

السابعة: هذا الحديثُ، وحديثُ عبد الله بن عمرو الماضي، كيف ما كان يدل على الاقتصاد في الماء الذي يُتَطَهَّر به.

الثامنة: الشَّافعي - رحمه الله - يَسْتَحبُّ أن لا ينقصَ عن هذين المقدارين في الوضوء والغُسْل (٢)، وقد تبيّن أنه لا يَلْزم من استحباب الشيءِ كراهةُ ضدِّه، فمَنْ أراد أن يُثبِتَ الكراهةَ في الاقتصارِ على ما دون ذلك، يحتاج إلى دليل غير دليل استحباب الفعل، وعند الطّبرانيّ حديثٌ عن أبي أمامة: أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - توضَّأ بنِصْفِ مُدّ، ويُحتاج إلى النظر في إسناده (٣).


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ١٤١)، و "شرح عمدة الأحكام" للمؤلف (١/ ١٠٧).
(٢) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (٢/ ١٨٩).
(٣) قلت: الحديث رواه الطّبرانيّ في "المعجم الكبير" (٨٠٧١)، وابن عدي =

<<  <  ج: ص:  >  >>