للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يقتضي أن تراخيَ معناها تبع لتراخي لفظها، ومعلولٌ له، وهو عكسُ ما وجدته عن أبي الحسن بن عصفور أنه لما تعرض لبيان قول أبي علي: إن (ثم) مثل الفاء إلا أن فيها مُهلة، قال: فإنما يعني: أنها مثلها في الترتيب، إلا أنه ترتيبٌ فيه مُهلة وتراخٍ، وكأنه لمّا اختصت بمعنى يزيد على معنى الفاء، خُصَّ لفظُها بلفظ أَزيدَ من لفظ الفاء، فكانت على أكثر من حرف، والفاء على حرف واحد (١).

وهذا يقتضي أن تكونَ زيادةُ اللفظ تبعًا لزيادة المعنى، وتوافقُ (٢) ما ذُكِرَ عن ابن درستويه: أنَّ الواوَ هي الأصلُ؛ أي: من هذه الثلاثة (الواو) [و {الفاء)، و (ثم)] (٣)، [و (الفاء) و (ثم) فرعان على (الواو)؛ لأن (الواو) و (الفاء) و (الميم)، (٤) متقاربات من جهة المخرج، إذ (الفاء) من باطن الشفة، و (الواو) و (الميم) من نفس الشفة، فلذلك هذه الحروف الثلاثة تجمع ما بين الشفتين في اللفظ والمعنى، وخصت بالاستعمال دون غيرها, ولما اختصت (ثم) بمعنى زائد على (الفاء)، خُصَّت بالثاء المقاربة لمخرج الفاء؛ لتدلَّ على معنى ثالث.

الخامسة: قد يأتي في الاستعمال ما (٥) يَبْعُدُ حملُ ظاهرِهُ على


(١) انظر: "شرح الجمل" لابن عصفور (١/ ٢٣٤).
(٢) "ت": "ويكون اللفظ موافقًا".
(٣) زيادة يقتضيها السِّياق.
(٤) سقط من "ت".
(٥) "ت": "قبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>