منه بعضُ الأفراد، كَفَتِ الإرادةُ العامة لتناول الحكم لجملة أفراده في حصول الحكم في الفرد المعين، وإن لم يخطرْ بالبال ذلك الفردُ بخصوصه، وهذا مما لا يَختلِفُ فيه أحدٌ؛ أعني: أنه ليس شرطَ العموم إرادةُ كل فرد من أفراده بخصوصه.
الحادية عشرة: اختلفوا في تخصيص العموم بالقياس على أقوال: جوازِ التخصيص بالقياس، ومنعِه، والوقفِ، والتفرقةِ بين ما خُصَّ من العموم وما لم يُخص، والتفرقةِ بين التخصيص بالمتصل والمنفصل، والتفرقةِ بين جليِّ القياس وخفيِّه.
ثم قيل في تفسير الجليِّ: إنه قياسُ العلة، والخفيُّ قياسُ الشَّبَهِ، وعن بعضهم: أن الجليَّ مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَقضِي القاضي وهو غَضْبَان"(١)، وتعليل ذلك بما يدهشُ العقلَ عن تمام الفكر حتى يَجريَ في الحاقِن.
وبعضُهم يرى اعتبارَ توازنِ الظنَّين؛ أعني: الظنَّ الحاصلَ من القياس، والظنَّ الحاصلَ من العموم، فيُعمل بأقواهُما؛ فإن العموم يفيد ظنًا، والقياس يفيد ظنًا، وقد يكون أحدهما أقوى في نفس
(١) رواه البخاري (٦٧٣٩)، كتاب: الأحكام، باب: هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان، ومسلم (١٧١٧)، كتاب: الأقضية، باب: كراهة قضاء القاضي وهو غضبان، من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -، بلفظ: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان".