بدون ما قيل بوجوبه؛ لأنه غير مذكور، إلَّا أنَّ هذا يتوقف على أن ما تحت هذه الشعور لا ينطلق عليه اسمُ الوجه؛ فإنَّه لو انطلق عليه، لدخل تحت قوله عليه السلام:"ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ"، فلا يحصُل حينئذٍ ما رُتِّبَ عليه الثواب في الحديث، إلَّا أن يقال على هذا: إن البشرة إما أن يختصَّ اسم الوجه بها أولا يختص، بل ينطلق على ما نَبَت عليها، فإن كان مختصًّا بالبشرة كان وجودُه مأخوذًا من تعليق الحكم بغسل الوجه، ويضيع التعليل بالندرة، وإحاطة بياض الوجه بهذه الشعور، وأيضًا فيقتضي أن يندرجَ ما تحت اللحية الكثَّة والعارضين الكثَّين تحت الأمر حينئذٍ، فيجبُ، ولا يقولون بوجوبه، وإما أن يكون اسم الوجه حاصلًا بدون إيصال الماء إلى البشرة مكتفًى فيه بغسل ما نبت، فإن كان حينئذٍ كان مختصًّا، فتقصر دلالة الأمر بغسل الوجه على إيصال الماء إلى ما تحت البشرة، ويتَّجه الاستدلال لمن ينازع بلفظ الحديث.
الحادية والثلاثون بعد المئة: خروج الخطايا من هذه الأعضاء المذكورة يقتضي وجودَها قبل الخروج فيها، إذ لا خروج إلَّا بعد الوجود، ولا ينافي هذا العمل على المجاز؛ لأنه يلي الحقيقة في المعنى المتجوّز به، فإذًا يجب أن ينظر فيما يتعلق بالحواس المذكورة من الذنوب، وبعضها ظاهر الوجود كاللسان مثلًا، فإن المعاصي المتعلقةَ به ظاهرةٌ فاشيةٌ كالقذف، والغيبة، والنميمة، إلى غير ذلك.
وأما الوجه: فحاسة النظر منه، يتعلق بها الإثم، إما بارتكاب