للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما غير أهل الكتاب، كالمجوس وعبدة الأوثان، فاختلفوا في أوانيهم: فقال القاضي منهم: لا يستعملُ ما يستعملوه من أوانيهم؛ لأن أوانيهم لا تخلوا من أطعمتهم، وذبائحُهم ميتة، فآنيتهم نجسة من وضعهـ[ـا]، فيها.

وقال أبو الخطاب: حكمُهم حكمُ أهل الكتاب، وثيابهم وأوانيهم طاهرةٌ مباحةُ الاستعمالِ ما لم تتيقن نجاسة.

قال بعضُهم: وظاهر كلامه - رحمه الله - مثل قول القاضي، فإنه قال في المجوس: لايؤكل من طعامهم إلا مثلُ الفاكهة (١).

وأما الظاهرية: فقال أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن المغلِّس (٢) - وهو من كبار الظاهرية - في ديوانه الذي تكلم فيه على مسائل "المختصر" لأبي إبراهيم المزني على مذهب داود وأصحابه: وجاز الوضوء من أواني أهل الشرك، وبفضلِ وضوئِهم إذا لم تظهر في ذلك نجاسةٌ تمنع من استعماله، لأنَّ اللهَ عز وجل لم يحظر استعمال ذلك، ولا رسولَه - صلى الله عليه وسلم -، ولا اتَّفق الجميعُ عليه (٣).

الرابعة والخامسة والسادسة: إذا جَرينا على مقتضى لفظ


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٦١ - ٦٢).
(٢) المتوفى سنة (٣٢٤ هـ)، وعنه انتشر مذهب الظاهرية في بغداد، وكان من بحور العلم، وله عدة مصنفات. انظر: "تاريخ بغداد" للخطيب (٩/ ٣٨٥)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٥/ ٧٧).
(٣) وانظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٤٢٤ - ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>