الخامسة والعشرون: إذا ثبتت الملازمةُ بين نجاسة ذات الكلب في حال الحياة ونجاسةِ جلده بعد الدباغ، فمن المعلوم أن إثباتَ الملزوم يلزم منه إثباتَ اللازم، وانتفاءَ اللازم يلزم منه انتفاءَ الملزوم.
فكما يقال: الكلب نجس في حال الحياة فلا يطهر جلدُه بالدباغ، وثبتت نجاستُه في حال الحياة بدليل من خارج، وهو الملزوم، فثبتت نجاسة جلده بعد الدباغ، وهو اللازم.
فكذلك يمكن أن يقال: جلده طاهر بعد الدباغ، فلا يكون نجسًا في حال الحياة كما يعتقده المالكي وغيره.
وطريقه أن يقول: لو كان نجسًا في حال الحياة لما طهر جلده بالدباغ، لكن يطهر بالدباغ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقد طَهُر"، فلا يكون نجسًا في حال الحياة، والملازمة يثبتها بعين ما أثبته أصحاب الشافعي - رحمهم الله -، وانتفاء اللازم يثبته بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقد طَهُر"، وحينئذ يبقى النظرُ في المقابلة بين دليل ثبوت الملزوم وبين دليل انتفاء اللازم، وأيهما أرجح فيعمل به.
السادسة والعشرون: الذين منعوا تأثيرَ الدباغ في طهارة الجلد مطلقًا اعتمدوا على حديث عبد الله بن عُكَيم: "أتانا كتابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ موتِهِ بشهرٍ أن لا تنتفعُوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عصبٍ". وهو حديث أخرجه أصحابُ السنن؛ أبو داودَ، والترمذيُّ والنسائي، وأخرجه ابنُ