وأما الصورة الأخرى: وهو المعلم الذي لم تدرك ذكاته، وأنه يلزم فيها عدم الحل، فالجواب عن ذلك: أن الشارع لما قسَّم الكلابَ إلى قسمين؛ معلمِ وغيرِ معلمِ، وأفرد غيرَ المعلم باشتراط الذكاة، عُلم أن المعلم بخلافه؛ لأنه الحكم الذي قصد فيه بيانَ الفرق بينهما، وهذا في غاية الظهور، حتى يكاد يكون كالصريح فيه، ودلالة ذلك على إباحة أكل ما لم تدرك ذكاته من صيد المعلم أقوى من دلالة هذا المفهوم الذي ذُكر على تحريمه، والعمل بأقوى الدليلين واجب، وهذا الذي ذكرناه ليس من مجرد المفهوم، بل من أمر زائد، وهو التقسيم إلى نوعين خُص أحدُهما بحكم معين لا غير، وهو أمر زائد علي مجرد المفهوم، إذ لو لم يفترقا في ذلك لبطلت فائدة التقسيم.
الخامسة والستون: صيغة الأمر بالأكل في الحديث للإباحة فقط، فتخرج عن حقيقتها في الوجوب بالقرينة، فاذا اقتضى المفهومُ انتفاءَ الحكم عند انتفاء الوصف، فالمنتفي هو الإباحة.
السادسة والستون: إذا دل مفهومُ المذكور في الحديث على انتفاء الحكم عما عدا المذكور، انضما إليه هاهنا دليل آخر، وهو أن الأصلَ تحريمُ أكلِ الميتة، فاذا قُيَّد الحِل بوصف، استند في عدم الحل عند انتفاء الوصف إلى أصل التحريم للميتةّ، فيتظافر دليلان.