وأما القسمان الأوَّلان، فلم يجرِ الأمرُ فيهما على القاعدة؛ لأن المعلَّمَ الذي لم تدرك ذكاتُه مأكول، وصيد المعلم الذي أدركت ذكاته مأكول أيضًا.
والجواب من وجهين:
أحدهما: أن ما يذكر من الأوصاف التي يقيد بها الحكم، منها ما يمكن أن يكون وصفاً معتبراً فيه، وعدم التعليم ليس وصفاً معتبراً في حل الصيد ولا يناسب الاعتبار، فلا يكون الحكم مرتباً إلا على التذكية في غير المعلم؛ لأنه الوصف المعتبر في الحل على ما نطق به الكتاب العزيز في قوله تعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣]، وإذا كان مرتباً على وصف واحد، وهو التذكية في غير المعلم، دلَّ على انتفاء الحكم عما عداه، وهو عدم التذكية في غير المعلم، لا غير.
والوجه الثاني: أن محلَّ السكوت إذا كان الحكم فيه ثابتاً بطريق الأَولى، وجب الحكمُ به فيه، ولا يجوز أن يقالَ فيه بالمخالفة، وهو الذي يسمى بمفهوم الموافقة.
والصورتان الأُوليان إحداهما من هذا القَبيل، فإنه إذا حل أكل ما ذكى من صيدِ غيرِ المعلم، فلأَنْ يحِلَّ كلُ ما ذكى من صيد المعلم أولى؛ لأن وصف التعليم لا يكون مانعاً قطعاً، فخرج