للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية - لزمه أن يَحْمِلَ اللفظَ الواحدَ على حقيقته ومجازه.

وهاهنا بحثٌ ينبغي أن يُنظَرَ فيه ويُتَنبَّه له وهو: أنَّ مَنْ أجاز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، أمكنه أن يستدلَّ بالحديث في المحلين معًا - أعني: محل التحريم ومحل الكراهة - بلفظ الحديث.

ومن منع ذلك: فإن كان يقول بالحرمة في الماء قليلًا كان أو كثيرًا، حَملَ اللفظَ على حقيقته في التحريم، ولم يحتجّ إلى حمله على الكراهة، إلا أنه يَخْرُج عنه الماءُ المستبحرُ، فإنه لا يحرم الاغتسال منه ولا يُكرَه، فالتخصيصُ لازمٌ لقوله، فإذا تعارض مع مَنْ يلتزم حملَ اللفظ على حقيقته ومجازه، كان ذلك مجازًا؛ لأن اللفظ (١) لم يوضع لهما، فنقول: التخصيصُ خيرٌ من المجاز، وبعبارة أخرى: النافي للمجاز خيرٌ من النافي للتخصيص.

الثالثة: ارتكب الظاهريةُ هاهنا مذهبًا وجَّهَ سهام (٢) المَلامة إليهم، وأفاض سيلَ الازدراءِ عليهم، حتى أخرجهم بعضُ الناس من أهلية الاجتهاد، واعتبارِ الخلاف في الإجماع.

قال ابن حزم منهم: إنَّ كلَّ ماء [راكد (٣) قَلَّ أو كَثُرَ من البِرَك العظام وغيرها، بال فيه إنسانٌ، فإنه لا يحل لذاك (٤) البائل خاصةً


(١) "ت": "اللفظة".
(٢) "ت": "سهم".
(٣) سقط من "ت".
(٤) "ت": "لذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>