للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضوءُ منه ولا الغسل، وإن لم يجد غيرَهُ ففرضُه التيمم، وجائز (١) لغيره الوضوء منه والغسل، وهو طاهر مطهر لغير الَّذي بال فيه، ولو تغوَّطَ فيه، أو بال خارجًا منه، فسال البولُ إلى الماء الدائم، أو بال في إنائه وصبَّه في ذلك الماء، ولم تتغير له صفةٌ، فالوضوء منه والغسل جائز لذلك المتغوِّط فيه، والذي سال بوله فيه، ولغيره (٢).

وممن شنَّعَ على ابن حزم في ذلك: الحافظُ أبو بكر بن مُفَوَّز (٣) فقال بعد حكاية كلامه: فتأمل - رحمك الله تعالى - ما جَمَعَ هذا القولُ من السُّخف، وحوى من الشناعة، ثم يزعم أنه الدينُ الَّذي شرعه الله، وبعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قال: واعلم - أكرمك الله تعالى - أن هذا الأصل الذميمَ مربوطٌ إلى ما أقول، ومخصوص على ما أمثِّل (٤): [من] (٥) أن البائل على الماء الكثير، ولو نقطةً واحدة أو جزءًا من نقطة، فحرام عليه الوضوء منه، وإن تغوط فيه حِمْلًا، أو جَمَعَ بولَه في إناء شهرًا، ثم صبه فيه، فلم يغير


(١) "ت": "وجاز".
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٣٥).
(٣) هو الحافظ البارع المجود أبو بكر محمد بن حيدرة بن مُفَوَّز المعافري الشاطبي، كان حافظًا للحديث وعلله، متقنًا، ضابطًا، عارفًا بالأدب وفنونه. قال الذهبي: وله رد على ابن حزم رأيته. توفي سنة (٥٠٥ هـ). انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٩/ ٤٢١)، و"تذكرة الحفاظ" كلاهما للذهبي (٤/ ١٢٥٥).
(٤) في الأصل: "أميل"، والمثبت من "ت".
(٥) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>