وجوده خروج الخطايا، ومن لوازم الوضوء الطهارة، فيلزم من وجودها خروج الخطايا، فَيُستَدَلُّ بخروج الخطايا على وجودها؛ استدلالًا بوجود المعلول على وجود علته المتعيَّنة للتعليل، وتعيُّنها؛ إما باقتضاء الأصل عدم غيرها، أو لأن (الفاء) يقتضي التعليلَ مجردُها، والعلَّة تقتضي الحصرَ غالبًا ظاهرًا، وإذا استدْلَلْنا بخروج الخطايا على وجود الطهارة، وقد خرجت عقيب كل عضو بغسله، تكون موجودة عند غسل كل عضو، وذلك ما ادَّعاه.
الخامسة والثلاثون بعد المئة: بُني على هذا الخلاف في أنَّه هل [يطهر كل](١) عضو بغسله، أو يتوقف على إكمال الطهارة، ما لو فرق النية على أعضاء الوضوء، هل يصح، أم لا؟ وهذا يتوقف على صحة هذه الملازمة - أعني: ملازمة صحة التفريق في النية لطهارة كل عضو بإكماله -، فإن صحَّت فقد صار حصول طهارة كل عضو ملزومًا لجواز التفريق، والدالُّ على الملزوم دالٌّ على لازمه، فيدلُّ على جواز تفريق النية بواسطة دَلالاته على طهارة كلِّ عضو بغسله.
السادسة والثلاثون بعد المئة: ويقال بعد هذا: إنه يلزم من جواز تفريق النية تعدُّد عبادة الوضوء، وعدم اتحادها؛ لأنهم بَنَوا تفريق النية على الطاعات وعدمه على الاتحاد والتعدُّد، وقسمت إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: طاعة متحدة، وهي التي يفسد أولُها بفساد آخرها؛ كالصلاة والصيام، فلا يجوز تفريق النيَّة على بعضها، مثاله في الصيام: أن ينوي