لا يتدين باستعمالها، فإذا قال: إن اليهود ليسوا ممن يتدين باستعمال النجاسة، فجواز استعمالِ آنيتهم خارجٌ عن محل النزاع عندي، فلا يكون الحديثُ حجةً عليَّ، وهذا ظاهر.
الثانية عشرة: إدارة حكم المنع على التدين باستعمال النجاسة ليس بالقوي عندي؛ لأن العلةَ غلبةُ النجاسة على ما جهل حاله من أوانيهم، وهذا يكفي فيه عدمُ التدين بتجنب النجاسة، لا التدين باستعمال النجاسة، وبين المعنيين فرق ظاهر.
وإنما قلنا: إنه يكفي في ذلك عدمُ التدين بتجنب النجاسة، فإن من لا يفرق بين البول والماء في ملابسة ثيابه وبدنه، فالظنُّ القوي حاصلٌ بنجاسة ما يحاوله، ولا نزاعَ في أن التدينَ باستعمالها أقوى في غلبة الظن من عدم التدين بتجنبها، لكن يحتاج إلى دليل اعتبار ذلك القيد الزائد وإلغاء القدر الحاصل، والظن بعدم التدين باجتنابها مع مناسبة الاعتبار يعُمُّ.
إن كان هاهنا نصٌّ على منع استعمال أواني من يتدين بالنجاسة، فأردنا أن نلحق به من لا يتدين بها، لم يستقم ذلك؛ لأنَّ فيه إلغاءَ القدر الزائد الوارد في محل النص مع إمكان اعتباره شرعًا، إذ الأصلُ ترتُّب الحكم على أوصاف محل النص، إلا إذا عُلم إلغاءُ بعضها، فالفرق بين أن يردَ ما يقتضي اعتبار القدر الزائد، ويريد إلغاءَه، وبين أن يكون المقتضى لاعتبارٍ مطلقٍ غلبَةُ الظن الحاصل، يريد إلغاءه