للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة والأربعون: وَيرِدُ على الاستدلال بالحديث على طهارة إناء المشرك، أن يقال: يحتمل أن يكون هذا الماءُ كثيراً، لا تؤثر فيه نجاسةُ الإناء، فلا يعارضُ الحديثَ المتقدمَ الدالَّ على نجاسة أواني المشركين، وهذا الاختلاف بحسب اختلاف المذاهب في حد الكثرة والقلة، فَمَنْ حَدَّ الكثرةَ بالقُلتين، والقليلَ بما دونهَا، فيبعد على مذهبه أن يكون الماء كثيرًا؛ لأنه إذا حَدَّ القلتين بخمس مئة رطل مثلاً، اقتضى أن يكون البعير قد حمل ألف رطل مع المرأة والمَزَادتين.

وقد قالوا في تقدير القلتين: إنه مأخوذ من استقلال البعير، وأن بعير العرب يكون ضعيفا لا يحتمل أكثر من مئةٍ وستينَ مناً (١).

وانما قلنا: إنه يقتضي على هذا المذهب أن يكون البعير قد حمل ألف رطل؛ لأن هذا الاستقاء كما قدمنا يحتمل أن يكون من فم العَزْلاَء، ويحتمل أن يكون بعد خروجه عنها واجتماعه في إناء واحد، وقد ذكرنا أن هذا الاحتمال مرجوح لا دليل عليه، فيحتمل على الأول، وهو أن يكون الشرب والاستقاء من الماء النازل من كل واحدة واحدة (٢) من العزلاوين، فلا يكون كثيراً إلا إذا كان في كل مَزَادة خمسُ مئةِ رطل، ويلزم أن يكون البعير قد حَمَل ألفَ رطل مع


(١) المَنُّ: كيل معروف. انظر: "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (مادة: م ن ن).
(٢) أي: من كل واحدة على حدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>