للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلِ الماءُ إلَى ما بينَ الأصابعِ إلا بهِ، وإنْ وَصَلَ، فعندَ المالكيّة بوجوبِ تخليلِ أصابعِ اليدينِ اختلافٌ؛ قيلَ: بالوجوبِ، وقيلَ: بالنَّدبيةِ (١). ومَن يريدُ إخراجَ الأمرِ عن ظاهرِ؛ فعليهِ الدليلُ.

الحاديةُ والخمسون: عندَ المالكيةِ في تخليلِ أصابعِ الرجلينِ ثلاثةُ أقوالِ: الوجوبُ، والندبُ، والإنكارُ، وهو مرويّ عن مالِكِ - رحمَهُ الله (٢)، ولا يظَةرُ توجَّههُ؛ أعني: الإنكارَ، إلا بأنْ تُجعلَ لالتفافِها بمنزلةِ الباطنِ، ويُدخَلَ التخليلُ في بابِ التكلُّفِ والتَّنَطُعِ.

وقد نُقِلَ عن مالكِ - رحمهُ اللهُ - ما يدُلُّ علَى أنَّ عليهِ عندَهُ هذا المعنى، وما يقارِبُهُ، فإنَّهُ قالَ: فلا (٣) خيرَ في الغُلوِّ ولا الجفاء؛ قالهُ في مسألةِ التخليلِ هذهِ.

وهذا يحتاجُ إلَى دليلِ، فإنَّ ظاهرَ الأمرِ يوجبُ الغسلَ للعُضو الذي هو حَقيقة في الجميعِ، ولا يخرجُ عن عُهدَةِ الأمرِ إلا بالامتثالِ، والفرقُ بين الوسواسِ والوَرعَ دقيق عَسرٌ، فالمُتساهِلُ يجعلُ بعضَ الورَعِ وسواسًا، والمُشدِّدُ يجعلُ بعضَ الوسواسِ ورَعاً، والصِراطُ المستقيمُ


(١) انظر: "الذخيرة" للقرافي (١/ ٢٥٨).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٣) "ت": "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>