للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يُحملَ علَى حقيقته، وهو قيام البياض بأعضاء الوضوءِ كقيامِ البياضِ بجبهة (١) الفرس، ويحتمل أنْ يكونَ مجازًا؛ تشبيهاً للنور الذي يعلو أعضاءَ الوضوء بالغرةِ (٢)، ولعل المجازَ هنا أقربُ لوجوه:

أحدها: أنَّ المقصودَ الترغيبُ، وقد دلَّ الكتابُ العزيز بسعي النور بين الأيدي والأيمان، فهو كالشاهدِ لرُجحان المعنى؛ لحصول اليقين به، وكونِ المعنى الآخر ليس له موجبٌ، إلَّا مُجرَّدَ الجريِ علَى الوضع.

الوجهُ الثَّاني: أن المقصودَ الترغيبُ؛ كما ذكرنا، وفي الحملِ علَى الحقيقة معارضةُ النفرةِ العادية في مخالفتها، بخلاف النور؛ فإنَّه لا معارضَ للترغيب بسببه من حيثُ العُرفُ ولا العادةُ.

الوجهُ الثالث: أنَّهُ قد صحَّ: "من آثار الوضوء"، فإذا حملناه علَى النّورِ - والنورُ من آثار الوضوء - كان ذلك حقيقةً في الأثرِ، بخلاف ما إذا جُعِلَ الغرةُ والتحجيل في قيام البياض بالأعضاءِ؛ فإنَّه نفسَهُ غرةٌ وتحجيل.

وذكر بعض الشارحين قال: قالَ العلماء: سمِّيَ النورُ الذي يكون علَى مواضع الوضوء يوم القيامة غرة وتحجيلاً؛ شبهاً (٣) بغرة الفرس، والله أعلم (٤).


(١) في الأصل: "من جبهة"، والمثبت من "ت".
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٣) في "شرح مسلم" للنووي: "تشبيهاً".
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>