للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه من الظاهر من غير تأويل، إلا أن هذا يختلف باختلاف المَحال، وقوة الدلالة بكثرة تتابع الظواهر على المعنى الواحد، فان انتهت إلى القطع بأن المراد الظاهر جزمنا بذلك، وكفّرنا المخالف، وإن استفاضت استفاضة لا تنتهي إلى القطع بدَّعناه، وإن كان دون ذلك فلا بأس بالقول بظاهره، لكن بشرط أن لا نبُدع المخالفَ في التأويل، ولا يُعادى في الدين، كما فعل الجُهال، فاحترِزْ على نفسك من هذا إن كان لك (١) بها عناية، ولسلامتها من عذاب الله رعاية، وقد مر لنا كلام في هذه القاعدة.

إذا ثبت هذا، فقد بيَّنَّا: أن ناحيتي رأس الشيطان إطلاقُ القرن عليهما مجاز، وفي التثنية حقيقة، وأما القول بأن القرن القوة، أي: يطلع حين قوة الشيطان، فهو مجاز أيضاً وعلاقته القوة لأجل صلابة القرن، وهو مجاز قريب، إلا أن التثنية في القرنين تشوش في حمله، وكذلك التثنية في حمله على الحزب والشيعة، وهذه المعاني في حديث الصنابحي الذي فيه الإفراد في لفظ القرن: "أن الشمسَ تطلُعُ ومعها قَرْنُ الشيطانِ" (٢) لا يرد عليها حديث التثنية، لكنها تقتضي أن يكون الواقع طلوع قرن واحد، وهذا الحديث يقتضي أن يكون الواقعُ


(١) "ت": "لها".
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٢١٩)، ومن طريقه: الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ١٦٦)، والنسائي (٥٥٩)، كتاب: المواقيت، باب: الساعات التي نهى عن الصلاة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>