للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ما قلناه لا حاجةَ إلى هذا الحذف (١).


(١) قال الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله: وقد اختلف في وجود هذه الرائحة من الصائم، هل هي في الدنيا، أو في الآخرة؟ على قولين، ووقع بين الشيخين الفاضلين أبي محمد عز الدين بن عبد السلام وأبي عمرو بن الصلاح في ذلك تنازع، فمال أبو محمد إلى أن تلك الرائحة في الآخرة خاصة، وصنف فيه مصنفًا رد فيه على أبي عمرو، وسلك أبو عمرو في ذلك مسلك أبي حاتم بن حبان، فإنه في "صحيحه" بوَّب عليه كذلك فقال: ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، ثم ساق حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ... " الحديث. ثم قال: قال أبو حاتم: شعار المؤمنين يوم القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا فرقًا بينهم وبين سائر الأمم، وشعارهم في القيامة بصومهم طيب خلوف أفواههم أطيب من ريح المسك، ليعرفوا من بين ذلك الجمع بذلك العمل جعلنا الله تعالى منهم. ثم قال؛ أي: ابن حبان: ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم قد يكون أيضًا من ريح المسك في الدنيا.
واحتج الشيخ أبو محمد بالحديث الذي فيه تقييد الطيب بيوم القيامة.
ثم قال ابن القيم: وفصل النزاع في المسألة أن يقال: حيث أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة؛ فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال وموجباتها من الخير والشر، فيظهر للخلق طيب ذلك الخلوف على المسك، كما يظهر فيه رائحة دم المكلوم في سبيله كرائحة المسك، وكما تظهر فيه السرائر وتبدو على الوجوه وتصير علانية، ويظهر فيه قبح رائحة الكفار وسواد وجوههم، وحيث أخبر بأن ذلك حين يخلف وحين يمسون؛ فلأنه وقت ظهور أثر العبادة، وبكون حينئذ طيبها على ريح المسك عند الله تعالى وعند ملائكته، وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد، فرب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى وبالعكس، فإن الناس يكرهونه لمنافرته طباعهم، والله تعالى يستطيبه ويحبه لموافقته أمره =

<<  <  ج: ص:  >  >>