للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبق موتُه، فإنهم يجعلون كأنهم ماتوا دفعةً واحدة، ولا يَرِث أحدُهم من صاحبه.

واعترض على هذا بوجوه:

أحدها: أن الأمة ما أجمعت على هذا.

وثانيها: أنه لمّا اشتبه الحالُ لم يحكمْ بإرث أحدهما من الآخر، فكذا هاهنا، لما اشتبه حالُ الحديثين لا يعترض بأحدهما على الآخر.

وثالثها: قال ابن بَرهان (١): إن هذا الاستدلال باطل؛ فإنه تضمَّنَ إثباتَ أحكام اللغة بأدلة الشرع، وحكم اللغة ثابت سابق على الشرع، والمدلولُ لا يكون مقدَّمًا على الدليل.

فأما الوجه الأول: فالجواب عنه أنه مبنيٌّ على المذهب المشهور بين العلماء في عدم توريث الغَرْقَى والهَدْمَى، إذا لم يُعلم سبقُ موتِ أحدهما، فمن وافق على هذا المذهب فعليه الجواب.

وأما الوجه الثاني: فيقال عليه: إنَّ التعارضَ وقع في التقديم والتأخير، ولم يُقضَ بأحدهما على الآخر، والحكم بتقديم الخاص


(١) هو العلامة الفقيه، أبو الفتح أحمد بن علي بن برهان البغدادي الشافعي، كان أحد الأذكياء، بارعًا في المذهب وأصوله، من أصحاب ابن عقيل، ثم تحوَّل شافعيًا، ودرَّس بالنظامية، وتفقه بالشاشي والغزالي، له من المصنفات في الأصول: "الأوسط"، و"الوجيز"، وغير ذلك، توفي سنة (٥١٨ هـ). انظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٩/ ٤٥٦)، و"طبقات الشافعية" للسبكي (٦/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>