بيانه: أن خبرَ النهي عامٌّ في جلود السباع قبل الدباغ وبعده، وخاص في السباع، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقدْ طَهُر" عامٌّ في كل إهاب، خاصٌّ في الدباغ، فإذا قال أحد الخصمين: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقدْ طَهُر" عامٌّ في كل إهاب، فأخص عنه جلد الكلب لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن افتراش جلود السباع، قال خصمُه: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن افتراش جلود السباع عام بالنسبة إلى المدبوغ وغيره، فأخص منه المدبوغَ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقدْ طَهُر"، فيتساويان، ويُحتاج إلى الترجيح.
والذي يقال في ترجيح الطريق الأول: أنا إذا أخرجنا الكلبَ من عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقدْ طَهُر" لم تسقط فائدةُ تخصيصِ الدباغ؛ لأنه ينفي هناك ما لا يطهر جلده إلا بالدباغ، وإذا أخرجنا ما دبغ من نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن افتراش جلود السباع سقطت فائدة تخصيص السباع؛ لأن جلودَ السباع وغيرِ السباع في النهي عن افتراشها قبلَ الدباغ سواءٌ.
والاعتراض عليه من وجوه:
أحدها: أن طلبَ الفائدة في تخصيص جلود السباع غيرِ المدبوغة لم ينشأ من تخصيصنا هذا النهي بما لم يُدبغْ من جلود السباع، وإنما هو ناشئٌ عن ثبوت النهي عن جلود السباع قبل الدباغ ثبوتًا على سبيل العموم، أو على سبيل الخصوص؛ لأنه متى ثبت أن اللفظَ يتناولُ جلودَ السباع غيرِ المدبوغة بطريق العموم مع أن الحكم