فَانْطَلَقَا، فَلَقِيَا امْرَأة بَيْنَ مَزَادتيْنِ، أَوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِير لَهَا، فَقَالاَ لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ فَقَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوف، فَقَالاَ لَهَا: انْطَلِقِي إِذاً، قَالَتْ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالاَ: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتِ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ؟ قَالاَ: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ، فَانْطَلِقِي، فَجَاءَا بِهَا إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ.
قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بإنَاءٍ، فأفَرغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادتيْنِ، أَوِ السَّطِيحَتَيْنِ، وَأَوْكَأ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْعَزَالِيَ، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: أَنِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ شَاءَ، وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاء مِنْ مَاء، فَقَالَ: "اذْهَبْ، فَأفْرِغْهُ عَلَيْكَ".
وَهْيَ قَائِمَة تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وإنه لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَد مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "اجْمَعُوا لَهَا"، فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَة وَدقيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَاماً، فَجَعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: "تَعْلَمِينَ، مَا رَزَأْنَاكِ مِنْ مَائِكِ شَيْئاً، وَلَكِن اللَّهَ هُوَ الَّذِي سَقَاناً.
فَأتَتْ أَهْلَهَا وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنة؟ قَالَتِ: الْعَجَبُ، لَقيَنِي رَجُلاَنِ، فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا [الذي يقالُ لَهُ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute