وهذا كلام لا تعلُّقَ له بانتقاض الطهارة الذي تكلموا فيه، والذي يظهر منه أن هذا الاستفهام سببُه أن يفوت الوترُ باستغراق النوم إلى الصباح.
ولو كان الأمر فيما يتعلق بانتقاض الطهارة، لكان الاستفهام إنما يكون للصلاة بعد النوم، فيقال: أتصلي بعدما نمت؟ فلو قيل عقب هذا: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي، اقتضى الجواب حينئذٍ أن نومه - صلى الله عليه وسلم - لا يوجب الطهارة؛ لأن قلبه لا ينام.
[و] إذا كان الجواب يتعلق بأمر فوات الوتر، لا بأمر انتقاض الطهارة، فيحمل نوم القلب على اطمئنان النفس بالنوم، وسكون القلب إلى استغراقه فيه، وعدم تعلقه بالاستيقاظ (١).
وتحمل يقظته على تعلق القلب باليقظة للوتر، وعدم سكونه ودخوله إلى الاستغراق في النوم.
ومن المعلوم بالعادة التفريقُ بين حالة من شرع في النوم مطمئنَ القلب، وبين من شرع فيه متعلقًا باليقظة، فإن الحالة الأولى تقتضي الاستغراق، والثانية لا تساويها فيه، وعلى هذا التقدير، فتكون يقظةُ قلبه - صلى الله عليه وسلم - بالتفسير المذكور مقتضيًا للقيام للوتر، وكذلك الإخبار عن عدم نومه، ويكون الجواب منطبقاً على ما وقع عليه السؤال من النوم، لا على ما لم يقع عليه السؤال، وهو الصلاة بعد النوم من غير تجديد