للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، ويجعل فضلَ العناية به، فإن كان مقصودُه البيانَ والبسطَ اعتنى بذلك، وأوضح ومال إلى الإسهاب بحيثُ لا يخرجه إلى الهذَرَ، وإن كان مقصودُه الاختصارَ لَمَح هذا المعنى واعتنى به، وترك ما يمكنه تركُه، واستغنى بما يذكره عن غيره إذا كان الذي يذكره يغني عنه، إلى ما يناسب هذا.

ولما وقع في جمع بعض المخُتصِرين ما ينافي هذا المقصود أشار إلى تنبيهه لذلك، واعتبار مقصود الاختصار، فربما ترك الأحاديث التي يكفي في الاستدلال على حكمها كتابُ الله تعالى أو إجماع الأمة، وإن وقع من هذا شيء فيكون المقصود أمرًا آخر يتعلق بدلالة الحديث، وتنجر الدلالة إلى الحكم المجمع عليه انجرارًا غيرَ مقصود بالوضع وحدَهُ، كما في قوله عليه السلام: "لا يَقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكُمْ إذا أحدَثَ حتىَّ يتوضأ" (١)، فإنه استدلَّ به على وجوب طهارة الحدث، وهو أمر مجمع عليه، وليس هو المقصودُ بإيراد الحديث وحده، وإنما استدلَّ به على أنَّ سبقَ الحدث مُبطِلٌ للصلاة، مانعٌ من البناء.

ومن المقاصد - أيضًا -: ألا يذكرَ أحاديثَ متعددة للدَّلالة على حكم واحد إلا لمعُارِضٍ.


(١) رواه البخاري (٦٥٥٤)، كتاب: الحيل، باب: في الصلاة، واللفظ له، ومسلم (٢٢٥)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب الطهارة للصلاة، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>