للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأخفش: فوزنه عنده (فُل)؛ لأن الميم عنده بدل من الهاء التي هي لام الكلمة، والأصل فيه أيضًا عنده فَوْه مثل سَوْط، ثم قلب، فقدمت لام الكلمة التي هي الهاء على عينها التي هي الواو، فبقي (فَهْو) على وزن (فَلْع)، ثم حذفت منه الواو التي هي عين الكلمة، فبقي (فَهْ)، ثم أبدلت الميم من الهاء فبقي (فم)، ومما يؤيد مذهب الأخفش أن مذهب من يقول في تثنيته: فموان، وعلى هذا قول الفرزدق [من الطويل]:

هُمَا نَفَثَا فِي فِيَّ من فَمَويهِما ... على النَّابِحِ العَاوي أشَدُّ رِجَامِ

وأن الشاعر لما اضطر إلى ردِّ الذاهب ردَّ الواو في نحو قوله [من الرجز]:

لا تَقْلُوَاها وادْلُوَاها دَلوا

إنَّ معَ اليومِ أخَاهُ غَدْوا (١)

وكما قال سيبويه [من الطويل]:

وما النّاسُ إِلَّا كالدِّيارِ وأَهلها ... بها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْوًا بَلاقِعُ (٢)

فردَّ الواو في (غدو)، فعلمنا أن الذاهب من (غد) واو (٣).


(١) القلو: السير الحثيث، والدلو: السير الرفيق، يقول: ارفق بها ولا تقتلها، فإنك تحتاج إليها غدًا، وقال غدوًا، وأراد: غدًا، فأقام الفعل مقام الاسم. انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (٢/ ٢٨٤).
(٢) البيت للبيد بن ربيعة، كما في "ديوانه" (ص: ١٦٩)، (ق ٢٤/ ٥).
(٣) انظر: "الكتاب" لسيبويه (٣/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>