للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ" (١)، إلى غير ذلك من الأمر بتجنبِ النجاسات، وتبرئة الأماكن الشريفة عن المُستَقْذَرات، كان ذكر ذلك تنبيها على الطلب الشرعي؛ كما ذكرنا في الأول التنبيهَ على الطبعي.

وثالثها: أن يكون هذا من جنس ما قيل في قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: ٧٢]: إن الحفدةَ الخَدَمَةُ، وهم البنون بعينهم؛ أي: ليسوا بنين فقط، بل بنين وحفدة معًا، فالمقصود الإخبار عن المجموع، فكذلك نقول هاهنا: المقصود الإخبار عن الوصف بالأمرين معًا؛ أي: ليس مطهرة للفم فقط كما تعلمون ذلك حسًّا، بل هو مع ذلك مرضاة للرب.

ورابعًا: أن تكونَ الفائدةُ [في] (٢) قِرانِ كونه مرضاة للرب بكونه مطهرة للفم حِسًّا، وما هو متعلقُ الحس فهو معلوم التحقق ضرورة، فكذلك كونه مرضاة للرب في التحقق، وهذا ينشأ من القِران، وإذا كان قوم من الفقهاء جعلوا القِران في الذكر دليلًا على الاستواء في الحكم، فما ظنك بهذا الذي نحن فيه؟

وهذا عندي مما يمكن في قوله - عليه السلام -: "للصَّائمِ فَرحتانِ: فرحةٌ عندَ فطرِه، وفرحةٌ عندَ لقاءِ ربِّهِ" (٣)، فذكروا تأويلات؛


(١) رواه مسلم (٩١)، كتاب: الإيمان، باب: تحريم الكبر وبيانه، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٢) زيادة من "ت".
(٣) رواه مسلم (١١٥١)، كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>